وقوله (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) فعند أصحابنا أن الاشهاد شرط في وقوع الطلاق ، لان ظاهر الامر بذلك يقتضيه ، والامر عندنا على الوجوب. وقال قوم : ان ذلك راجع الى الرجعة ، وتقديره : واشهد على الإمساك ان أمسكتم ذوي عدل منكم وهي الرجعة في قول ابن عباس.
وقال الشافعي : الاشهاد على الرجعة أولى ، ويجوز عند أكثرهم بغير إشهاد ، وانما ذكر الله الاشهاد كما ذكر في قوله (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) (١) وهو على الندب وهذا (٢) ترك الظاهر. ومتى حملنا الاشهاد على الفراق وهو الطلاق حملناه على ظاهره من الوجوب ، وجعلناه شرطا في وقوع الطلاق.
ثم قال (وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ) إذا طولبتم بإقامتها «ذلكم» معاشر المكلفين (يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) والوعظ معنى يدعو الى الحق بالترغيب والترهيب.
ثم بين كيفية العدد باختلاف أحوال النساء ، فقال (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ) يعني : ان الآيسة من المحيض إذا كانت ترتاب بنفسها ولا تدري أرتفع حيضها لكبر أو لعارض (فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ) وهي التي قلنا ان مثلها تحيض ، لأنها لو كانت في سن من لا تحيض لم يكن لريبتها معنى.
وقال الزهري وعكرمة وقتادة : ان ارتبتم فلم تدروا للكبر أم لدم الاستحاضة فالعدة ثلاثة أشهر.
وقال قوم : ان ارتبتم فلم تدروا الحكم في ذلك فعدتهن ثلاثة أشهر.
وقوله (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) تقديره : واللائي لم يحضن ان ارتبتم فعدتهن
__________________
(١). سورة البقرة : ٢٨٢.
(٢). في «ن» : وهو.