وأسر بذلك الى زوجته حفصة والى (١) عائشة ، وكانت حفصة بنت عمر قد زارت عائشة فخلى بيتها ، فوجه رسول الله صلىاللهعليهوآله الى مارية ، فكانت معه ، فجاءت حفصة فأسر اليها التحريم.
وعندنا أنه لا يلزم بقوله أنت حرام علي شيء ووجوده كعدمه ، وهو مذهب مسروق من الفقهاء ، وفيه خلاف ذكرناه في الخلاف. وانما أوجب الله الكفارة لان النبي صلىاللهعليهوآله كان حلف أن لا يقرب جاريته.
وقوله (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) أي : قدر الله تعالى ما تحلون به يمينكم إذا فعلتموه ، وذلك يدل على أنه عليهالسلام كان حلف دون أن يكون قال هي علي حرام ، لان ذلك ليس بيمين عند أكثر الفقهاء.
وتحلة اليمين هو فعل ما يسقط تبعة اليمين : اما بكفارة ، أو تناول شيء من المحلوف عليه ، فمن حلف أن لا يأكل من هذا الطعام ، فمتى أكل حنث ولزمته كفارة وينحل اليمين بها ، ومن حلف أنه يأكل من هذا الطعام وأكل منه شيئا قليلا فقد انحلت يمينه ، فلذلك سمي تحلة اليمين.
وقوله (وَاللهُ مَوْلاكُمْ) معناه : والله ناصركم وهو أولى بكم منكم بأنفسكم ومن كل أحد ، وهو العليم بجميع الأشياء الحكيم في جميع أفعاله.
وقوله تعالى (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ) معناه : واذكروا حين أسر النبي (إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً) فالاسرار إلقاء المعنى الى نفس المحدث على وجه الإخفاء عن غيره ، يقال : أسر اليه كذا وكذا اسرارا والاسرار نقيض الإعلان.
وقيل : انه كان أسر الى حفصة أن لا تخبر عائشة بكونه مع مارية في يوم عائشة. وقيل : انه حرمها على نفسه فاطلعت عليه عائشة فاستكتمها النبي صلىاللهعليهوآله ، فأخبرت حفصة بذلك ، فانتشر الخبر ، فعاتبهما الله على ذلك. وقال الزجاج والفراء : أسر
__________________
(١). في التبيان : فأفضت به الى.