من فعل القبيح ، لا يخالفون الله في أمره ، ويمتثلون كل ما يأمرهم به ، وعمومة يقتضي أنهم لا يعصونه في صغير ولا كبير.
وقال الرماني : لا يجوز أن يعصي الملك في صغيرة ولا كبيرة ، لتمسكه بما يدعو اليه العقل دون الطبع ، وكل من يمسك بما يدعوا اليه العقل دون الطبع ، فانه لا يقع منه قبيح ، وقد اختارهم الله على ما في المعلوم منهم.
قوله (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ) قيل : معناه جاهد الكفار بالقتال والحرب ، والمنافقين بالقول الذي يردع عن القبيح لا بالحرب ، الا أن فيه بذل المجهود ، فلذلك سماه جهادا. وفي قراءة أهل البيت عليهمالسلام : جاهد الكفار بالمنافقين ، لأنه عليهالسلام يجاهد الكفار وفي عسكره جماعة من المنافقين يقاتلون معه.
وقوله تعالى (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) أي : أشدد عليهم.
وقوله (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ) قال ابن عباس : كانت امرأة نوح وامرأة لوط منافقين فخانتاهما.
قال ابن عباس : كانت امرأة نوح كافرة تقول للناس : انه مجنون ، وكانت امرأة لوط تدل على أضيافه ، وكان ذلك خيانتهما لهما ، وما زنت امرأة نبي قط ، لما في ذلك من التنفير عن الرسول والحاق الوصمة به ، فمن نسب أحدا من زوجات النبي الى الزنا فقد أخطأ خطا عظيما ، وليس ذلك قولا لمحصل.
ثم قال (فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما) أي : لم يغن نوح ولوط المرأتين (مِنَ اللهِ شَيْئاً) أي : لم ينجياهما من عقاب الله وعذابه (وَقِيلَ) لهما يوم القيامة (ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) من الكفار.
قال الفراء : هذا مثل ضربه الله تعالى لعائشة وحفصة وبين أنه لا يغنيهما ولا ينفعهما مكانهما من رسول الله صلىاللهعليهوآله ان لم يطيعا الله ورسوله ويمتثلا أمرهما ، كما لم ينفع امرأة نوح وامرأة لوط كونهما تحت نبيين.