يكون المراد ألا يعلم خلق (١) من خلق ، وحذف المضاف وأقام المضاف اليه مقامه.
ولا يجوز أن يكون المراد ألا يعلم من خلق أفعال القلوب ، لأنه لو أراد ذلك لقال : ألا يعلم ما خلق ، لأنه لا يعبر عما لا يعقل ب (مَنْ).
ولا يدل ذلك على أن الواحد منا لا يخلق أفعاله من حيث أنه لا يعلم الضمائر ، لأنا بينا أن المراد ألا يعلم من خلق الصدور أي خلق الأشياء ، والواحد منا لا يخلق ذلك ، فلا يجب أن يكون عالما بالضمائر.
فصل : قوله (أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ. وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ. أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ) الآيات : ١٧ ـ ١٩.
المعنى : ءأمنتم من في السماء سلطانه ونهيه وأمره ، كما قال (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) (٢) أي : وهو الله في السماوات والأرض معلومة لا يخفى عليه شيء منه.
وقيل : أيضا يجوز أن يكون المراد أأمنتم من في السماء ، يعني : الملك الكائن في السماء أن يخسف بكم الأرض بأمر الله.
فصل : قوله (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) الآيات : ٢٢ ـ ٢٦.
يقال : أكب يكب اكبابا فهو مكب فيما لا يتعدى ، قال الأعشى :
مكبا على روقيه يحفر عرقه (٣) |
|
على ظهر عريان الطريقة أهيما (٤) |
__________________
(١). في التبيان : سر.
(٢). سورة الانعام : ٣.
(٣). في التبيان : عرقها.
(٤). ديوان الأعشى ص ١٨٨.