وقوله (كَالْقَصْرِ) أي : ذلك الشرر كالقصر أي مثله في عظمه وتخويفه يتطائر على الكافرين من كل جهة ، نعوذ بالله منها. والقصر واحد القصور من البنيان ، في قول ابن عباس ومجاهد.
وقال قتادة والضحاك : والقصر أصول الشجر ، واحدته قصرة مثل جمرة وجمر ، والعرب تشبه الإبل بالقصور. قال الأخطل :
كأنه برج رومي بشيده |
|
لز بجص وآجر وأحجار |
والقصر في معنى الجمع الا أنه على طريق الجنس. ثم شبه القصر بالجمال فقال (كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) قال الحسن وقتادة : كأنها أنيق سود لما يعتري سوادها من الصفرة.
وقال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير : قلوس السفن. وجمالات جمع جمل ، كرجل ورجالات وبيت وبيوتات.
وقوله (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) اخبار من الله تعالى أن ذلك اليوم لا ينطق الكافر. وقيل : في معناه قولان :
أحدهما : أن ذلك اليوم مواطن ، فموطن لا ينطقون لأنهم يبلسون على هول ما يرونه ، وموطن يطلق فيه عن ألسنتهم فينطقون ، فلذلك حكى عنهم أنهم قالوا (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) (١)
والثاني : أنهم لا ينطقون بنطق ينتفعون به فكأنهم لم ينطقوا.
وقوله (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ) يعني يفصل بين الخلائق بالحكم لكل أحد بماله وعليه ، والفصل قطع علق الأمور بتوفية الحقوق ، وهذا الفصل الذي هو فصل القضاء يكون ذلك في الاخرة على ظاهر الامر وباطنه. وأما في الدنيا فهو على ظاهر الامر ، لان الحاكم لا يعرف البواطن.
__________________
(١). سورة غافر : ١١.