والجنة التي كان فيها آدم جنة أخرى ليست جنة الخلد.
وقوله (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً) معناه : وأحصينا كل شيء أحصيناه في كتاب ، فلما حذف حرف الجر نصبه. وقيل : انما نصبه لان في «أحصيناه» معنى كتبناه فكأنه قال : كتبناه كتابا.
والوجه في احصاء الأشياء في الكتاب ما فيه من الاعتبار للملائكة بموافقة ما يحدث لما يقوم به الإثبات ، مع أن تصور ذلك يقتضي الاستكثار من الخير والاجتهاد فيه ، كما يقتضي إذا قيل للإنسان ما تعمله فانه يكتب لك وعليك.
فصل : قوله تعالى (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً. حَدائِقَ وَأَعْناباً. وَكَواعِبَ أَتْراباً. وَكَأْساً دِهاقاً. لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً. جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً. رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الآيات : ٣١ ـ ٤٠.
الاتراب جمع ترب ، وهي اللذة التي تنشأ (١) على سن الصبي الذي يلعب بالتراب فكأنه قيل : هم على سن واحدة. قال قتادة : أترابا يعني في سن واحدة.
وقوله (وَكَأْساً دِهاقاً) الدهاق مليء بشدة الضغط ، والدهق شدة الضغط في الكأس ملي مترعة.
وقوله (عَطاءً حِساباً) أي : بحساب العمل كل انسان على قدر عمله ، معناه : عطاء كافيا من قولهم «أعطاني ما أحسبني» أي : ما كفاني ، وحسبك أي : اكتف ، وحسبي الله أي : كفاني الله.
(وَقالَ صَواباً) فالصواب موافقة الغرض الحكمي ، كأنه أصابه ذلك الغرض الذي تدعو اليه الحكمة ، ونقيضه الخطأ وهو مخالفة الغرض الحكمي.
(وَيَقُولُ الْكافِرُ) في ذلك اليوم (يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) أي : يتمنى أن لو كان ترابا لا يعاد ولا يحاسب ليتخلص من عقاب ذلك اليوم ، لأنه ليس معه شيء يرجوه
__________________
(١). في التبيان : وهي التي تنشأ مع لدتها.