وحسن أخلاقه وما خصه الله به من مكارم الأخلاق وحسن الصحبة حتى أنه قيل : انه لم يصافح أحدا قط فنزع يده من يده حتى يكون ذلك الذي ينزع يده منه.
فمن هذه صفته كيف يغضب (١) في وجه أعمى جاء يطلب الإسلام ، على أن الأنبياء عليهمالسلام منزهون عن مثل هذه الأخلاق وعما هو دونها ، لما في ذلك من التنفير عن قبول قولهم والإصغاء الى دعائهم. ولا يجوز مثل هذا على الأنبياء عليهمالسلام من عرف مقدارهم وتبين صفتهم.
وقال قوم : ان هذه الآيات نزلت في رجل من بني أميه كان واقفا مع النبي صلىاللهعليهوآله فلما أقبل ابن أم مكتوم تنفر منه وجمع نفسه وعبس في وجهه وأعرض بوجهه عنه ، فحكى الله ذلك وأنكره معاتبة على ذلك.
وقوله تعالى (وَما يُدْرِيكَ) خطاب للنبي صلىاللهعليهوآله تقديره : قل له يا محمد وما يدريك لعله يزكى ، وانما أضاف العبوس الى النبي من أضافه لقوله تعالى (وَما يُدْرِيكَ) فرآه متوجها اليه ظن أنه عتب له دون أن يكون متوجها اليه على أن يقول لمن فعل ذلك ويوبخه عليه.
وقوله (فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى) أي تعرض عنه ، واللهي عن الشيء هو التروح بالاعراض عنه والتلهي به التروح بالإقبال عليه ، ومنه قولهم «إذا استأثر الله بشيء فاله عنه» أي : اتركه وأعرض عنه.
قوله (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) في الاية دليل على بطلان مذهب المجبرة في أن القدرة مع الفعل ، وأن المؤمن لا قدرة له على الكفر ، وأن الكافر لا يقدر على الايمان ، لأنه تعالى بين أن من شاء أن يذكره ذكره لأنه قادر عليه.
قوله تعالى (فَأَقْبَرَهُ) فالاقبار جعل القبر لدفن الميت فيه ، يقال : أقبره اقبارا
__________________
(١). في التبيان : يقطب.