أحدها : وما تشاؤون من الاستقامة الا وقد شاءها الله ، لأنه قد جرى ذكرها ، فرجعت الكناية اليها ، ولا يجوز أن يشاء العبد الاستقامة الا وقد شاءها الله ، لأنه أمر بها ورغب فيها أتم الترغيب ، ومن ترغيبه فيه ارادته له.
والثاني : وما تشاؤون شيئا الا أن يشاء الله يمكنكم منه ، لان الكلام يقتضي الاقتدار على تمكينهم إذا شاء ومنعهم إذا شاء.
والثالث : وما تشاؤون الا أن يشاء الله أن يلطف لكم في الاستقامة ، لما في الكلام من معنى النعمة.
وروي عن النبي عليهالسلام أنه قال : شيبتني هود وأخواتها الواقعة وإذا الشمس كورت ، وهو جميع ما وعظ الله به عباده.
فان قيل : أليس أنس لما سأل هل اختضب رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : ما شأنه الشيب ، فقال : أو شين هو يا أبا حمزة. فقال : كلكم يكرهه.
قيل : عنه جوابان :
أحدهما : أنه روي أن عليا عليهالسلام لما غسل رسول الله صلىاللهعليهوآله وجد في لحيته شعرات بيضاء ، وما لا يظهر الا بعد التفتيش لا يكون شيبا.
والثاني : أنه أراد لو كان أمر يشيب منه انسان لشبت من قراءة ما في هذه السورة وما فيها من الوعيد.
سورة الانفطار
قوله تعالى (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ. وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ. وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ. وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ. عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ. يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) الآيات : ١ ـ ١٢.
قوله (وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) أي : خرق بعض مواضع الماء الى بعض ،