والثاني : يضلهم عن طريق الجنة إذا كانوا مستحقين للعقاب ، ويهدي من يشاء الى طريق الجنة.
ورفع قوله «فيضل الله» لان التقدير الاستئناف لا العطف على ما مضى. ومثله قوله (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ) (١) ومثله (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ) (٢).
ثم قال بعد ذلك «ويتوب الله على من يشاء» لأنه إذا لم يجز أن يكون عطفا على ما مضى فينتصب لفساد المعنى ، فلا بد من استئنافه ورفعه.
وقال الحسن : أمتن الله على نبيه محمد صلىاللهعليهوآله أنه لم يبعث رسولا الا الى قومه وبعثه خاصة الى جميع الخلق.
وقال مجاهد : بعث الله نبيه الى الأسود والأحمر ، ولم يبعث نبيا قبله الا الى قومه وأهل لغته.
فصل : قوله (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ) الاية : ٩.
قوله (لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللهُ) أي : لا يعلم تفاصيل أحوالهم وما فعلوه وفعل بهم من العقوبات ولا عددهم الا الله ، ولذلك قال النبي عليهالسلام : كذب النسابون.
وقوله (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) قيل : في معناه خمسة أقوال :
أحدها : قال عبد الله بن مسعود وابن زيد : انهم عضوا على أناملهم تغيظا عليهم في دعائهم الى الله ، كما قال (عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) (٣).
وثانيها : قال الحسن : جعلوا أيديهم في أفواه الأنبياء تكذيبا لهم وردا لما جاءوا به.
__________________
(١). سورة الحج : ٥.
(٢). سورة التوبة : ١٥.
(٣). سورة آل عمران : ١١٩.