وقوله (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) قال ابن عباس والحسن : في شدة ، قال لبيد :
يا عين هلا بكيت أربد إذ |
|
قمنا وقام الخصوم في كبد (١) |
أي : في شدة نصب ، فالكبد في اللغة شدة الامر.
وقوله (أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) قال الحسن : معناه يقول أهلكت مالا كثيرا فمن يحاسبني عليه. واللبد : الكثير الذي قد تراكب بعضه على بعض ، ومنه بليد القطن والصوف إذا تراكب بعضه على بعض ، وكذلك الشعر.
ومعنى قوله (هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) قال ابن عباس : معناه نجد الخير والشر ، وبه قال الحسن ومجاهد والضحاك وقتادة ، وفي رواية عن ابن عباس انهما الثديان ، وشبه طريق الخير والشر بالطريقين الغالبين لظهوره فيهما ، وأصل النجد العلو.
فصل : قوله تعالى (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ. وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ. فَكُّ رَقَبَةٍ. أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ. أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) الآيات : ١١ ـ ٢٠.
تلخيصه : هلا اقتحم العقبة ، ولا يجوز الصراط الا من كان بهذه الصفة يفك رقبة ، أو يطعم يتيما في يوم ذي مجاعة ، فلا اقتحم بمعنى «لم» كما قال تعالى (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) (٢) ومعناه لم يصدق ولم يصل.
ومعنى «مؤصدة» الوصيد الباب من أوصدته فهو مؤصد. قال الحسن : عقبة والله شديدة مجاهدة الإنسان نفسه وهواه وعدوه والشيطان.
وحكي عن ابن عباس أنه قال : تقديره أفلا أقتحم وحذف الاستفهام والاقتحام الدخول على الشدة.
وقوله (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) فالمسغبة المجاعة ، قال جرير :
__________________
(١). ديوان لبيد ١ / ١٩.
(٢). سورة القيامة : ٣١.