وقوله (وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى) فالعائل الفقير وهو ذو العيلة ، قال الشاعر :
وما يدري الفقير متى غناه |
|
وما يدري الغني متى يعيل (١) |
أي : متى يفتقر. فان قيل : في هذا ونظائره مما عدده الله على خلقه من النعمة وامتنانه عليهم كيف يمنن الله تعالى على خلقه بالنعم ، وذلك من فعل البخلاء (٢) ، لان الواحد منا لو من على غيره بما يسدى اليه كان مقبحا.
قيل : انما يقبح الامتنان إذا كان الغرض الإزراء بالمنعم عليه والتقصير به ، فأما إذا كان الغرض تعريف النعمة وتعديدها واعلامه وجوهها ليقابلها بالشكر ، فيستحق به الثواب والمدح فانه نعمة أخرى ، وتفضل آخر يستحق به الشكر ، فبطل ما قالوه.
سورة الانشراح
قوله تعالى (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ. وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ. الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ. وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ. فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) الآيات : ١ ـ ٧.
روى أصحابنا ان (أَلَمْ نَشْرَحْ) مع (الضُّحى) سورة واحدة ، لتعلق بعضها ببعض ولم يفصلوا بينهما ب «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» وأوجبوا قراءتهما في الفرائض في ركعة وألا يفصل بينهما ، ومثله قالوا في سورة (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ) و (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) وفي المصحف هما سورتان فصل بينهما ببسم الله.
قوله (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) قال الحسن : يعني بالوزر الذي كان عليه في الجاهلية قبل النبوة. وقال مجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد : يعني ذنبك ، قالوا :
__________________
(١). مجاز القرآن ٢ / ٣٠٢.
(٢). في التبيان : النجل.