الثاني : قال سعيد بن جبير : يردد في أجوافهم لا يستقر في مكان.
الثالث : قال قتادة : خرجت الى الحناجر لا تنفصل ولا تعود ، وكل ذلك يشبه بهواء الجو. والاول أعرف بكلام العرب ، قال حسان بن ثابت :
ألا أبلغ أبا سفيان عني |
|
فأنت مجوف نخب هواء (١) |
وقال زهير :
كان الرجل منها فوق صعل |
|
من الظلمان جؤجؤه هواء |
فصل : قوله (لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) الاية : ٥١.
أي : سريع المجازاة. وقيل : سريع الحساب لا يشغله محاسبة بعضهم عن محاسبة آخرين.
والكسب فعل ما يجتلب به النفع للنفس ، أو يدفع به الضرر عنها ، فالكسب ليس بجنس الفعل ، والله تعالى يقدر على مثله في الجنس.
وفي الاية حجة على ثلاث فرق :
أحدها على المجبرة في الارادة ، لأنها تدل على أنه تعالى أراد من جميع المكلفين أن يعلموا انما هو اله واحد ، وهم يزعمون أنه أراد من النصارى أن يثلثوا ، ومن الزنادقة أن يقولوا بالتثنية.
الثاني : حجة عليهم في أن المعصية لم يردها ، لأنه إذا أراد منهم أن يعلموا أنه اله واحد لم يرد خلافه من التثليث والتثنية الذي هو الكفر.
الثالث : حجة على أصحاب المعارف ، لأنه بين أنه أراد من الخلق أن يتذكروا ويفكروا في دلائل القرآن التي تدلهم على أنه اله واحد.
ثم أخبر تعالى (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) أي : ذووا العقول ، لان من لا عقل
__________________
(١). ديوان حسان : ٨.