له لا يمكنه الفكر والاعتبار.
سورة الحجر
فصل : قوله (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) الاية : ٢.
قال المبرد قال الكسائي : العرب لا يكاد توقع «رب» على أمر مستقبل ، وهذا قليل في كلامهم ، وانما المعنى عندهم أن يوقعوا على الماضي ، كقولهم ربما فعلت ذلك وربما جاءني فلان.
وانما جاز هذا في القرآن على ما جاء في التفسير أن ذلك يكون يوم القيامة.
وانما جاز هذا لان كل شيء من أمر الله خاصة ، فانه وان لم يكن وقع بعد فهو كالماضي الذي قد كان ، لان وعده آت لا محالة وعلى هذا عامة القرآن ، نحو قوله (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) (١) وقوله (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا) (٢) وقوله (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ) (٣).
فان قيل : لم قال (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) والكتاب هو القرآن ولم أضاف الآيات الى الكتاب وهي قرآن وهل هذا الا اضافة الشيء الى نفسه؟
قلنا : انما وصفه بالكتاب وبالقرآن لاختلاف اللفظين وما فيهما من الفائدتين وان كانا لموصوف واحد ، لان وصفه بالكتاب يفيد أنه مما يكتب ويدون ، والقرآن يفيد أنه مما يؤلف ويجمع بعض حروفه الى بعض ، قال الشاعر :
الى الملك القرم وابن الهمام |
|
وليث الكتيبة في المزدحم |
وقال مجاهد وقتادة : المراد بالكتاب ما كان قبل القرآن من التوراة والإنجيل
__________________
(١). سورة الزمر : ٦٨.
(٢). سورة الزمر : ٧٣.
(٣). سورة ق : ٢١.