أحدهما : أنه قال ذلك تأكيدا ، كقولك قلت أنت.
الثاني : انهم كانوا تحته ، وقد يقول القائل : تهدمت علي المنازل وان لم يكن تحتها. وأيضا فيعلم أنهم لم يكونوا فوق السقوف.
فصل : قوله (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) الاية : ٢٨.
وقوله (ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ) أي : قالوا ما علمنا من سوء فكذبهم الله وقال بلى قد فعلتم والله عالم بما كنتم تعملون في الدنيا من المعاصي وغيرها.
وقيل : في معنى ذلك قولان :
أحدهما : ما كنا نعمل من سوء عند أنفسنا ، لأنهم في الاخرة ملجؤون الى ترك القبيح والكذب ، ذكره الجبائي.
وقال الحسن وابن الاخشاذ : [في] الاخرة مواطن يلجئون في بعضها دون بعض.
فصل : قوله (وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) الاية : ٣٥.
حكى الله تعالى عن المشركين أنهم قالوا (لَوْ شاءَ اللهُ) أي : لو أراد الله لم نكن نعبد شيئا من دونه من الأصنام والأوثان لا نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من قبل نفوسنا بل أراد الله ذلك منا فلذلك فعلنا ، كما تقوله المجبرة الضلال ، فكذبهم الله وأنكر عليهم وقال : مثل ذلك فعل الذين من قبلهم من الكفار الضلال ، كذبوا رسل الله وجحدوا أنبياءه.
ثم عذر أنبياءه فقال : «هل على الرسل الا البلاغ» الظاهر ، أي : ليس عليهم الا ذلك ، وفي ذلك إبطال مذهب المجبرة ، لان الله أنكر عليهم قولهم أنه لو شاء