والأظهر ما قال الكسائي عند أهل اللغة.
وقال بعضهم : سقيته ماء ، كقوله (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) (١) وأسقيته سألت الله أن يسقيه. وقال أبو عبيد : إذا سقاه مرة يقال سقيته ، وإذا سقاه دائما قال أسقيته.
والانعام يعني الإبل والبقر والغنم.
وقد استدل قوم بهذه الاية على تحليل النبيذ ، بأن قالوا : أمتن الله علينا وعدده من جملة نعمه علينا ، أي : خلق لنا الثمار التي نتخذ منها السكر والرزق الحسن وهو تعالى لا يمتن بما هو محرم.
وهذا لا دلالة فيه لأمور :
أحدها : أنه خلاف ما عليه المفسرون ، لان أحدا منهم لم يقل ذلك ، بل التابعون من المفسرين قالوا : هو ما حرم من الشراب. وقال الشعبي منهم : أنه أراد ما حل طعمه من شراب وغيره.
والثاني : أنه لو أراد بذلك تحليل السكر لما كان لقوله «ورزقا حسنا» معنى لان ما أحله وأباحه ، فهو أيضا رزق حسن ، فلم فرق بينه وبين الرزق الحسن ، والكل شيء واحد.
وانما الوجه فيه أنه خلق هذه الثمار لتنتفعوا بها ، فاتخذتم أنتم منها ما هو محرم عليكم ، وتركتم ما هو رزق حسن.
وأما وجه المنة فبالامرين معا ثابتة ، لان ما أباحه وأحله فالمنة به ظاهرة ليجعل الانتفاع به ، وما حرمه فوجه النعمة (٢) أنه إذا حرم عليه وأوجب الامتناع ضمن في مقابلته الثواب الذي هو أعظم النعم ، فهو نعمة على كل حال.
__________________
(١). سورة الدهر : ٢١.
(٢). في التبيان : المنة.