والثالث : أن السكر إذا كان مشتركا بين المسكر وبين الطعم ، وجب أن يتوقف فيه ولا يحمل على أحدهما الا بدليل ، وما ذكرناه مجمع على أنه مراد ، وما ذكروه ليس عليه دليل ، على أنه كان يقتضي أن يكون ما أسكر منه يكون حلالا وذلك خلاف الإجماع ، لأنهم يقولون : القدر الذي لا يسكر هو المباح ، وكان يلزم على ذلك أن يكون الخمر مباحا ، وذلك لا يقوله أحد.
والسكر في اللغة على أربعة أقسام :
أحدها : ما أسكر.
والثاني : ما طعم من الطعام ، كما قال الشاعر :
جعلت عيب الأكرمين سكرا
أي : طعما.
الثالث : السكون قال الشاعر :
وجعلت عين الجزور تسكر
والرابع : المصدر من قولك سكر سكرا ، وأصله انسداد المجاري بما يلقى فيها ، ومنه السكر.
فصل : قوله (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) الاية : ٦٨.
ثم قال (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها) يعني : بطون النحل (شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) من أبيض وأحمر مع أنها تأكل الحامض والمر ، فيحيله الله عسلا حلوا لذيذا فيه شفاء للناس.
وأكثر المفسرين على أن الهاء راجعة الى العسل ، وهو الشراب الذي ذكره الله ، وأن فيه شفاء من كثير من الأمراض ومنافع جمة.
وانما قال (مِنْ بُطُونِها) وهو خارج من فيها ، لان العسل يخلقه الله في بطن النحل ويخرجه الى فيه ، ولو قال من فيها لظن أنها تلقيه من فيها وليس بخارج