يقول الله تعالى ان اليوم الذي (نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) اي : من يشهد عليهم.
(مِنْ أَنْفُسِهِمْ) أي : من أمثالهم من البشر ، ويجوز أن يكون ذلك نبيهم الذي بعث اليهم. ويجوز ان يكونوا مؤمنين عارفين بالله ونبيه يشهدون عليهم بما فعلوه من المعاصي.
وفي ذلك دلالة على أن كل عصر لا يخلو ممن يكون قوله حجة على أهل عصره عدل عند الله ، وهو قول الجبائي وأكثر أهل العدل ، وهو قولنا وان خالفناهم في من هو ذلك العدل والحجة.
(وَجِئْنا بِكَ) يا محمد (شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) يعني : كفار قريش وغيرهم من الذين كفروا بنبوته ، ثم قال (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ) يعني القرآن (تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) أي : بيانا لكل أمر مشكل. والتبيان والبيان واحد.
ومعنى العموم في قوله (لِكُلِّ شَيْءٍ) المراد به من أمور الدين ، اما بالنص عليه ، أو الاحالة على ما يوجب العلم من بيان النبي صلىاللهعليهوآله والحجج القائمين مقامه أو اجماع الامة ، أو الاستدلال لان هذه الوجوه أصول الدين وطرق موصلة الى معرفته.
فصل : قوله (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) الاية : ٩٠.
(بِالْعَدْلِ) يعني : الانصاف بين الخلق وفعل ما يجب على المكلف والإحسان الى الغير. ومعناه : يأمركم بالإحسان ، فالأمر بالأول على وجه الإيجاب ، وبالإحسان على وجه الندب. وفي ذلك دلالة على أن الامر يكون أمرا بالمندوب اليه دون الواجب.
(وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) أي : وأمركم بإعطاء ذي القربى ، ويحتمل أمرين :
أحدهما : صلة الأرحام ، فيكون ذلك عاما في جميع الخلق.