معنى (طائِرَهُ) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : عمله من خير أو شر ، كالطائر الذي يجيء من ذات اليمين فيتبرك به ، والطائر الذي يجيء من ذات الشمال فيتشأم به وطائره عمله ، والزام الله طائره في عنقه الحكم عليه بما يستحقه من ثواب أو عقاب.
ثم قال (لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) أي : لا يأخذ أحدا بذنب غيره. والوزر الإثم.
وقوله (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) اخبار من الله أنه لا يعاقب أحدا على معاصيه حتى يستظهر عليه بالحجة وإنفاذ الرسل.
وليس في ذلك دلالة على أنه لو لم يبعث رسولا لم يحسن منه أن يعاقب إذا ارتكب القبائح العقلية ، اللهم الا أن يفرض أن في بعثة الرسل لطفا ، فانه لا يحسن من الله مع ذلك أن يعاقب أحدا الا بعد أن يعرفه ما هو لطف له ومصلحة لتزاح علته.
وقيل : معناه (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ) بعذاب الاستيصال والإهلاك في الدنيا حتى نبعث رسولا. وفي الاية دلالة على بطلان قول المجبرة ، من أن الله تعالى يعذب أطفال الكفار بكفر آبائهم ، لأنه بين أنه لا يأخذ أحدا بجرم غيره.
فصل : قوله (وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها) الاية : ١٦.
ذكر في هذه الاية وجوه أربعة :
أحدها : أن مجرد الإهلاك لا يدل على أنه حسن أو قبيح ، بل يمكن وقرعه على كل واحد من الامرين ، فإذا كان واقعا على وجه الظلم كان قبيحا ، وإذا كان واقعا على وجه الاستحقاق ، أو على وجه الامتحان كان حسنا ، فتعلق الارادة به لا يقتضي تعلقها على الوجه القبيح ، وإذا علمنا أن القديم لا يفعل القبيح علمنا أن ارادته للاهلاك على الوجه الحسن.
وقوله (أَمَرْنا مُتْرَفِيها) المأمور به محذوف ، وليس يجب أن يكون المأمور