بعد الكهولة ، ونحوه قوله (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) (١) انما خص بذلك اليوم بأن الامر لله ، لان في الدنيا مع أنه يملك قد ملك أقواما جعلهم ملوكا وخلفاء ، وذلك اليوم لا يملك سواه.
معنى قوله «وقضى ربك ألا تعبدوا الا إياه» أي : أمره ، في قول ابن عباس والحسن وقتادة وابن زيد.
فان قيل : الامر لا يكون أمرا بألا يكون الشيء ، لأنه يقتضي ارادة المأمور به ، والارادة لا تتعلق بألا يكون الشيء ، وانما تتعلق بحدوث الشيء.
قلنا : المعنى أنه كره ربكم عبادة غيره ، وأراد منكم عبادته على وجه الإخلاص ، وسمي ذلك أمرا ب «ألا تعبدوا الا إياه» لان معناهما واحد.
فصل : قوله (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) الاية : ٢٩.
أي : لا تكن ممن لا يعطي شيئا ولا يهب ، فتكون بمنزلة من يده مغلولة الى عنقه لا يقدر على الإعطاء ، وذلك مبالغة في النهي عن الشح والإمساك (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) أي : ولا تعط أيضا جميع ما عندك ، فتكون بمنزلة من بسط يده حتى لا يستقر فيها شيء ، وذلك كناية عن الإسراف.
والمحسور المغموم المنحسر والحسرة الغم.
فصل : قوله (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) الاية : ٣٣.
إسرافه فيه أن يقتل غير من قتل ، أو يقتل أكثر من قاتل وليه ، لان مشركي العرب كانوا يفعلون ذلك ، والتقدير فلا يسرف الولي في القتل أن الولي كان منصورا بقتل قاتل وليه والاقتصاص منه.
فصل : قوله (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا
__________________
(١). سورة الانفطار : ١٩.