بِالْعَهْدِ) الاية : ٣٤.
انما خص مال اليتيم بذلك ، وان كان التصرف في مال البالغ بغير اذنه لا يجوز أيضا ، لان اليتيم الى ذلك أحوج والطمع في مثله أكثر.
وقوله (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) قال قوم : حتى يبلغ ثمان عشرة سنة. وقال آخرون : حتى يبلغ الحلم. وقال آخرون وهو الصحيح : حتى يبلغ كمال العقل ويؤنس منه الرشد.
وقوله «وأوفوا بالعهد» أمر من الله تعالى بالوفاء بالعهد وهو العقد ، ومتى عقد عاقد على ما لا يجوز ، فعليه نقض ذلك العقد الفاسد والتبري منه. وانما يجب الوفاء بالعقد الذي يحسن.
وقيل : كل ما أمر الله به ونهى عنه فهو من العهد ، وقد يجب الشيء للنذر وللعهد والوعد به وان لم يجب ابتداء وانما يجب عند العقد.
وقوله «ان العهد كان مسؤولا» معناه : انه كان مسؤولا عنه للجزاء عليه ، فحذف «عنه» لأنه مفهوم ثم نهى نبيه أن يقفوا ما ليس له به علم ، وهو متوجه الى جميع المكلفين ، وأصله القفو اتباع الأثر ، ومنه القيافة وكأنه يتبع قفا المتقدم.
واستدل بهذه الاية على أنه لا يجوز العمل بالقياس ولا بخبر الواحد ، لأنهما لا يوجبان العلم ، وقد نهى الله تعالى أن يتبع الإنسان ما لا يعلمه.
فصل : قوله (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) الاية : ٦١.
انما جاز أن يأمره بالسجود له ولم يجز أن يأمره بالعبادة له ، لان السجود يترتب في التعظيم بحسب ما يراد به ، وليس كذلك العبادة التي هي خضوع بالقلب ليس فوقه خضوع ، لأنه يترتب في التعظيم بحسبه (١) ، يبين ذلك أنه لو سجد ساهيا لم يكن له منزلة في التعظيم ، على قياس غيره من أفعال الخوارج.
__________________
(١). في التبيان : بحسب نيته.