من قال ذلك يقول : انه تجب اقامة المغرب من عند الغروب الى وقت اختلاط الظلام الذي هو غروب الشفق ، وما بين ذلك وقت المغرب ، ومن قال : الدلوك هو الزوال يمكنه أن يقول : المراد بالاية بيان وجوب الصلاة الخمس على ما ذكره الحسن ، لا بيان وقت صلاة واحدة ، فلا دلالة في الاية.
فصل : قوله (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) الاية : ٧٩.
التهجد التيقظ لما ينفي النوم. وقال المبرد : التهجد عند أهل اللغة السهر للصلاة أو لذكر الله ، فإذا سهر للصلاة قيل : تهجد ، وإذا أراد النوم قيل : هجد.
قال الرماني : يجوز أن يكون نافلة أكثر ثوابا من فريضة إذا كان ترك الفريضة صغيرا ، لان نافلة النبي أعظم من هذه الفريضة من فرائض غيره ، وقد تكون نعمة واجبة أعظم من نعمة واجبة كنعمة الله ، لأنه يستحق بها العبادة من نعمة الإنسان التي يستحق بها الشكر فقط.
وقوله «نافلة لك» وجه هذا الاختصاص هو أنه أتم للترغيب لما في ذلك من صلاح أمته في الاقتداء به والدعاء الى الاستنان بسنته ، وروي أنها فرضت عليه ولم تفرض على غيره فكانت فضيلة له ، ذكره ابن عباس.
وقوله (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) وهي الشفاعة ، في قول ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة.
وقال قوم : المقام المحمود إعطاؤه لواء الحمد يوم القيامة و «عسى» من الله واجبة وقد أنشد لابن مقبل :
ظني بهم كعسى وهم بتنوقة |
|
يتنازعون جوائز الأمثال (١) |
يريد كيقين.
__________________
(١). اللسان «ظنن».