وقوله «مسحورا» حكاية عما قال فرعون لموسى : اني لا ظنك يا موسى معطى علم السحر ، فهذه العجائب التي تفعلها من سحرك ، وقد يجوز أن يكون المراد اني لا ظنك يا موسى ساحرا ، فوضع المفعول موضع فاعل.
فصل : قوله (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) الاية : ١١٠.
معناه : بأي أسمائه تعالى تدعون ربكم به ، وانما تدعون واحدا ، فله الأسماء الحسنى ، وانما أمره بذلك لان مشركي قومه لما سمعوا النبي عليهالسلام يدعو الله تارة بأنه الله ، وتارة بأنه الرحمن ، فظنوا أنه يدعو الهين ، حتى قال بعضهم : الرحمن رجل باليمامة ، فأنزل الله هذه الاية احتجاجا لنبيه بذلك وأنه شيء واحد ، وان اختلفت أسماؤه وصفاته ، وبه قال ابن عباس ومكحول ومجاهد وغيرهم.
وقوله (أَيًّا ما) يحتمل أن يكون صلة ، كقوله (عَمَّا قَلِيلٍ) (١) ويحتمل أن يكون بمعنى «أي» كررت لاختلاف لفظهما ، كما قالوا : ما رأينا كالليلة لليلة.
وقوله (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) نهي من الله تعالى عن الجهر العظيم في حال الصلاة ، وعن المخافتة الشديدة ، وأمر بأن يتخذ بين ذلك طريقا. وحد أصحابنا الجهر فيما يجب الجهر فيه بأن يسمع غيره. والمخافتة بأن يسمع نفسه.
ثم قال تعالى لنبيه محمد صلىاللهعليهوآله : قل يا محمد (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً) وليس لاحد أن يقول : كيف يحمد الله على أن لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك ، والحمد انما يستحق على فعل له صفة التفضل.
وذلك أن الحمد في الاية ليس هو على أن لم يفعل ذلك ، وانما هو حمد على أفعاله المحمودة ، ووجه الى من هذه صفته لا من أجل أن ذلك صفته ، كما
__________________
(١). سورة المؤمنون : ٤٠.