حلف على أمر يفعله ، ثم رأى ما هو خير له ، فليحنث وليكفر.
ولو كان الاستثناء جائزا بعد مدة ، لكان يقول : فليستثن ولا يحتاج الى الكفارة ولا يلزمه الحنث. وقد روي في أخبارنا مثل ما حكيناه عن ابن عباس.
ويشبه أن يكون المراد به أنه إذا استثنى وكان قد نسي من غير تعمد ، فانه يحصل له ثواب المستثنى دون أن يؤثر في كلامه ، وهو الأشبه بابن عباس وأليق بعلمه وفضله ، فان ما حكي عنه بعيد جدا.
وقال الكسائي والفراء : التقدير ولا تقولن لشيء اني فاعل ذلك غدا الا أن تقول ان شاء الله فأضمر القول. وانما كان الاستثناء مؤثرا إذا كان الكلام متصلا لأنه يدل على أنه يؤول كلامه ، وإذا لم يكن متصلا ، فقد استقرت نيته وثبتت ، فلا يؤثر الاستثناء فيها.
فصل : قوله (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً. قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الاية : ٢٥ ـ ٢٦.
معناه : اخبار من الله تعالى وبيان عن مقدار مدة لبثهم ، أعني أصحاب الكهف الى وقت انتباههم.
ثم قال لنبيه : فان حاجك المشركون فيهم من أهل الكتاب فقل (اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا).
ويحتمل أن يكون المعنى : ولا يجوز لحاكم أن يحكم الا بما حكم الله به أو بما دل على حكم الله ، وليس لاحد أن يحكم من قبل نفسه ، فيكون شريكا لله في أمره وحكمه.
وقيل : ان معناه : قل الله أعلم بما لبثوا الى أن ماتوا.
وحكي عن قتادة أن ذلك حكاية عن قول اليهود ، وأنهم الذين قالوا : لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا ، وقوى ذلك بقوله (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا)