جيء وهو يسلك طريقا الى البحر عجب منه ومن عظم شأنه.
وقوله (ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ) حكاية عما قال موسى عند ذلك من أن ذلك الذي كنا نطلب من العلامة يعني نسيانك الحوت ، لأنه قيل له : صاحبك الذي تطلبه وهو الخضر حيث تنسى الحوتة ، فارتدا يقصان أي : يتبعان آثارهما حتى انتهيا الى مدخل الحوت.
فصل : قوله (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً. قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ) الاية : ٦٥ ـ ٦٦.
اختلفوا في الذي كان يتعلم موسى منه هل كان نبيا أم لا؟ فقال الجبائي : كان نبيا ، لأنه لا يجوز أن يتبع النبي من ليس بنبي ليتعلم منه العلم ، لما في ذلك من العضاضة على النبي.
وقال ابن الاخشاذ : ويجوز أن لا يكون نبيا على أن لا يكون فيه وضع من موسى. وقال قوم : كان ملكا.
وقال الرماني : لا يجوز أن يكون الا نبيا ، لان تعظيم العالم المعلم فوق تعظيم المتعلم.
وقيل : انه سمي خضرا لأنه كان إذا صلى في مكان لا نبات فيه اخضر ما حوله وكان الله تعالى قد أطلعه من علم بواطن الأمور على ما لم يطلع عليه غيره.
فان قيل : كيف يجوز أن يكون نبي أعلم من نبي في وقته؟
قيل : عن ذلك ثلاثة أجوبة :
أحدها : يجوز أن يكون نبي أعلم من نبي في وقته عند من قال : ان الخضر كان نبيا.
الثاني : أن يكون موسى أعلم من الخضر بجميع ما يؤدي عن الله الى عباده وفيما هو حجة فيه ، وانما خص الخضر بعلم ما لا يتعلق بالأداء.