فكان يكون ذلك مفسدة ، فأمر الله بقتله لذلك كما لو أماته.
ثم أخبر عن حال الجدار الذي أقامه وأعلمه انه «كان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما» فقال ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد : كانت صحف علم.
وقال الحسن : كان لوحا من ذهب مكتوب فيه الحكم. وقال قتادة وعكرمة : كان كنز مال ، والكنز في اللغة هو كل مال مذخور من ذهب وفضة وغير ذلك.
وقال الجبائي : لا يجوز أن يكون صاحب موسى الخضر ، لان خضرا كان نبيا من الأنبياء الذين بعثهم الله من بني إسرائيل بعد موسى ، قال : ولا يجوز أيضا أن يبقى الخضر الى وقتنا هذا ، كما يقوله من لا يدري ، لأنه لا نبي بعد نبينا ، ولأنه لو كان لعرفه الناس ولم يخف مكانه.
وهذا الذي ذكره ليس بصحيح ، لأنا لا نعلم أولا أن خضر كان نبيا ، ولو ثبت لم يمتنع أن يبقى الى وقتنا هذا ، لان تبقيته في مقدور الله تعالى ، ولا يؤدي الى انه نبي بعد نبينا ، لأنه نبوته كانت ثابتة قبل نبينا ، وشرعه ان كان شرعا خاصا له منسوخ بشرع نبينا ، وان كان يدعو الى شرع موسى ، أو من تقدم من الأنبياء فان جميعه منسوخ بشرع نبينا عليهالسلام ، فلا يؤدي الى ما قال.
وقوله «لو كان باقيا لرئي ولعرف» غير صحيح ، لأنه لا يمتنع أن يكون بحيث لا يتعرف الى أحد منهم وان شاهدوه لا يعرفونه.
وروي عن جعفر بن محمد عليهماالسلام في قوله (وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) قال : سطران ونصف ولم يتم الثالث ـ عجبا للمؤمن بالرزق كيف يتعب ، وعجبا للمؤمن بالحساب كيف يغفل ، وعجبا للموقن بالموت كيف يفرح.
فصل : قوله (وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ) الاية : ٨٣.
قيل : سمي ذا القرنين لأنه كان في رأسه شبه القرنين.