على أن زكريا انما سأل وليا من ولده يحجب مواليه من بني عمه وعصبته من الميراث ، وذلك لا يليق الا بالمال ، لان النبوة والعلم لا يحجب الولد عنهما بحال ، على أن اشتراطه أن يجعله رضيا لا يليق بالنبوة ، لان النبي لا يكون إلا رضيا معصوما ، فلا معنى لمسألته ذلك ، وليس كذلك المال ، لأنه يرثه الرضا وغير الرضا.
واستدل المخالف بهذه الاية على أن البنت لا تحوز المال دون بني العم والعصبة ، لان زكريا طلب وليا يمتنع مواليه ولم يطلب ولية.
وهذا ليس بشيء ، لان زكريا انما طلب وليا ، لان من طباع البشر الرغبة في الذكور دون الإناث من الأولاد لذلك ، على أنه قيل : لفظ «ولي» يقع على الذكر والأنثى ، فلا نسلم أنه طلب الذكر ، بل الذي يقتضي الظاهر أنه طلب ولدا ، سواء كان ذكرا أو أنثى.
فصل : قوله (وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) الاية : ٩.
أي : لم تك موجودا ، ومن نفي المعدوم استدل بذلك ، فقال : لو كان المعدوم شيئا لما نفى أن يكون شيئا قبل ذلك ، وحمل قوله (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) (١) على المجاز. والمعنى أنها إذا وجدت كانت شيئا عظيما.
ومن قال : المعدوم شيء قال : أراد ولم يك شيئا موجودا ، ولم يكن قوله (أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ) على وجه الإنكار ، بل كان ذلك على وجه التعجب من عظيم قدرة الله.
فصل : قوله (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) الاية : ١٥.
قال قوم : معناه أمان له وسلامه يوم ولد من عبث الشيطان به وأعوانه إياه ، ويوم يموت من عذاب القبر وهول المطلع ، ويوم يبعث حيا من عقاب النار وأهوال المحشر.
__________________
(١). سورة الحج : ١.