الأمر العاشر : اختلف في وقوع الاشتراك وعدمه ، فأوجبه بعض ، وأحاله آخر ، وقال بإمكانه ثالث.
واستدلّ القائل بالوجوب ـ والمراد من الوجوب والاستحالة : ما لزم من وقوعه أو عدمه تال فاسد ، لا الوجوب الذاتي والاستحالة الذاتيّة ، فإنّه ضروري الفساد ـ بأنّ المعاني غير متناهية ، والحروف التي يتركّب منها الألفاظ متناهية تبلغ ثماني وعشرين ، فلا يمكن وضع اللفظ لكلّ معنى ، ولا مناص عن الاشتراك.
وأجاب في الكفاية بأجوبة ثلاثة :
أحدها : أنّ باب المجاز واسع ، ولا يلزم أن يكون جميع الاستعمالات بالوضع.
ثانيها : أنّ المعاني وإن كانت غير متناهية إلّا أنّ الاستعمالات متناهية ، ولا فائدة في وضع الألفاظ للمعاني التي لا تستعمل أصلا ، فلا يلزم وضع الألفاظ المتناهية للمعاني غير المتناهية ، بل للمعاني المتناهية المستعملة.
ثالثها : أنّ المعاني الكلّية متناهية وإن كانت جزئياتها غير متناهية ، ويكفي الوضع بإزاء الكلّيّات (١).
وعمدة أجوبته هو الجواب الثاني ، وإلّا فالجواب الأخير غير تامّ ، حيث إنّ المعاني الكلّية الفرضيّة ـ كإنسان ذي رأسين وذي ثلاث رءوس وذي أربعة أرجل وذي أربعة أيد ـ غير متناهية وإن
__________________
(١) كفاية الأصول : ٥٢.