الجهة الثانية : أنّه هل يعتبر في تحقّق مفهوم الأمر أن يكون الآمر :
١ ـ عاليا فقط ، ولا يعتبر أن يكون مستعليا أيضا.
٢ ـ أو يعتبر عكس ذلك.
٣ ـ أو يعتبر كلاهما.
٤ ـ أو يكفي أحدهما على سبيل منع الخلوّ.
٥ ـ أو لا يعتبر شيء منهما؟ وجوه أقواها : ثالثها ، وهو أن يكون الآمر عاليا ومستعليا (١) أي مظهرا للعلوّ وآمرا بعنوان المولوية والآمرية ، وذلك لأنّ الطلب الصادر عن الداني بل عن المساوي يكون مصداقا للالتماس أو الدعاء والصادر عن العالي لا بعنوان المولوية بل بعنوان آخر من الشفاعة ، كقوله صلىاللهعليهوآله لبريرة بعد قولها : «أتأمرني يا رسول الله؟» : «لا ، بل إنّما أنا شافع» (١) أو الإرشاد ،
__________________
(١) والقائل باعتبار الاستعلاء في مفهومه إن أراد منه هذا المعنى فهو ، وإن أراد منه الكبريائية والجبروتية ، فلا وجه له.
وهنا نكتتان :
الأولى : أنّ العلوّ المعتبر لا بدّ وأن يكون بالإضافة إلى المأمور ، ولا يكفي علوّه بالإضافة إلى غير المأمور.
الثانية : أنّ لازم اعتبار العلوّ في صدق الأمر هو عدم وجوب الأمر بالمعروف إلّا على العالي بالنسبة إلى الداني ، لا مثل الابن بالنسبة إلى الأب ونحوه ، فإنّ أدلّة وجوب الأمر بالمعروف لا يشمل كلّ شخص.
نعم يجب الأمر بالمعروف على الكلّ مع وجود الشرائط لا لأجل تلك الأدلّة ، بل لأجل عناوين أخر كعنوان قلع مادّة الفساد أو إشاعة الخير ونحوهما. (م).
(٢) صحيح البخاري ٦ : ٢١١ ـ ٥٢٨٣ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٧٠ ـ ٢٢٣١ ، سنن ـ