علم بفلان والعياذ بالله لم يعلم بفلان ، أو قادر على فلان ولا يقدر على فلان.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّ ما يكون قديما وعين ذاته تعالى من الصفات هي صفات الذات لا صفات الفعل ، وقد عرفت أنّ التكلّم من صفات الفعل حيث إنّه تدريجي الحصول وممّا ينقضي وينصرم ، وما هو كذلك لا يمكن أن يكون قديما ، فصفة التكلّم مثل سائر الصفات التي هي صفات الفعل ، كما في الخالق والرازق وغير ذلك ، ومتكلّميّته تعالى لا تتوقّف على إثبات الكلام النفسيّ.
فانقدح من جميع ما ذكرنا أنّه ليس في البين كلام نفسي مدلول عليه بالكلام اللفظي.
الجهة الرابعة : أنّه بعد ما ثبت أنّ مدلول الجمل الخبرية ليس أمرا في النّفس يعبّر عنه بالكلام النفسيّ ، وهكذا مدلول الجمل الإنشائية ليس أمرا في النّفس يعبّر عنه بالطلب النفسيّ في الأوامر وبغيره في غيرها ، فمدلول الجمل خبرا أو إنشاء ما ذا؟
المعروف بينهم ـ كما في الكفاية (١) ـ أنّ الجمل الخبرية دالّة على تحقّق النسبة وثبوتها في الخارج أو عدمه ، والإنشائية منها دالّة على إنشاء معانيها في الخارج ، كالطلب والترجّي والتمنّي وغير ذلك.
لكنّ التحقيق ـ كما ذكرنا في بحث المشتقّ ـ أنّ الخبر بما هو
__________________
(١) كفاية الأصول : ٨٧.