وذلك لما عرفت من أنّ الوجوب أجنبيّ عن مدلول الكلام ، سواء كان إنشائيّا أو خبريّا صادرا بداعي الإنشاء ، وأنّ مصداق الطلب يتحقّق تارة بإيجاد صيغة «افعل» أو نحوها ، وأخرى بإيجاد الجملة الخبرية بداعي البعث والتحريك ، ومتى تحقّق مصداق الطلب دخل تحت كبرى حكم العقل بوجوب الموافقة والامتثال ما لم يرخّص في تركه.
ولأنّ مقتضى ما ذكر جواز استعمال كلّ جملة خبرية أو فعلية في مقام البعث إظهارا بأنّه لا يرضى إلّا بوقوع مطلوبه مع أنّه لا يصحّ (١) «زيد متوضّئ» بداعي البعث ، فعلم أنّ الجملة الخبرية المستعملة في مقام الإنشاء حالها حال «بعت» و «أنكحت» الإنشائيّين في إظهار ما في النّفس من الشوق أو الاعتبار بهما بلا تفاوت.
المبحث الثالث : في التعبّدية والتوصّلية.
والكلام فيه يقع في مقامين :
الأوّل : أنّه هل يكون أصل لفظي يقتضي التعبّدية أو التوصّلية حتى يرجع إليه عند الشكّ أو لا؟
الثاني : أنّه مع عدمه هل الأصل العملي في المقام يكون هو البراءة حتى يثبت التوصّليّة ، أو الاشتغال حتى يثبت التعبّديّة؟
__________________
(١) أقول : لا وجه لعدم الصحّة ، فإنّ الاستعمال شائع ذائع في الاسمية أيضا كما يقال : «المؤمن مؤتمن» «المؤمن صادق الوعد» في هذا المقام وغير ذلك. (م).