الإيجاب فعل الشارع لا المكلّف.
ومن هنا يظهر أنّ في عبارة الكفاية ـ حيث جعل الفرق بينهما باعتبار الغرض من الوجوب لا الواجب (١) ـ مسامحة واضحة ، إذ الوجوب عين الإيجاب ، ولا ينفكّ عنه ، والفرق بينهما بالاعتبار.
ثمّ إنّ التوصّلي قد يطلق على الواجب الغيري أيضا ، والكلام فيه يأتي عند ذكر مقدّمة الواجب ، وبينه وبين التوصّلي في مقابل التعبّدي عموم من وجه ، إذ هما يجتمعان في وجوب غسل الثوب مقدّمة للصلاة ، ويصدق الأوّل دون الثاني في دفن الميّت ، ويصدق الثاني دون الأوّل (٢) في الوضوء.
وقد يطلق على ما يحصل الغرض بمطلق وجوده في الخارج ولو كان من دون اختيار أو بفعل الغير بل ولو كان بفعل محرّم.
ولا يخفى أنّ فعل الغير أو الفعل غير الاختياري (٣) لا يمكن أن يكون مأمورا به حيث لا يصدر من العاقل مثل هذا التكليف بأن
__________________
(١) كفاية الأصول : ٩٢ ـ ٩٣.
(٢) المراد من الأوّل في الموضع الأوّل هو التوصّلي المبحوث عنه الّذي لا يحتاج إلى قصد القربة ، والمراد من الأوّل هنا هو الواجب الغيري في قبال النفسيّ.
(٣) أقول : فيما يسقط الغرض منه بفعل الغير أو بإتيانه بغير اختيار لا يتعلّق الأمر بهما حتى يقال : إنّ متعلّق التكليف يجب أن يكون مقدورا للمكلّف ، ولا يتعلّق أيضا بخصوص ما يصدر عنه عن اختيار ، لكونه جزافا ، إذ الفرض أنّ الغرض يحصل بأعمّ منه ، فالظاهر أنّ في تلك الموارد يتعلّق بالمهملة الجامعة ، أعني أصل الطبيعة ، والجامع بين المقدور وغير المقدور مقدور ، وهو ظاهر. (م).