لتقييده بعد إمكان كونه مطلقا شاملا للمقدور وغيره في مقام الثبوت ، كما عرفت ، وعدم أخذ القدرة فيه في مقام الإثبات ، وحينئذ يصحّ التمسّك بإطلاق المادّة ، والحكم بسقوط الأمر بإيجاده لا عن إرادة واختيار ، لوجود الملاك فيه أيضا بمقتضى الإطلاق.
وهذا بخلاف ما إذا أخذ القدرة في متعلّق الأمر ، كما في قوله تعالى : (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(١) حيث يستكشف من تعلّق الشوق بالحصّة المقدورة والمستطاع إليها من الحجّ دون مطلق الحجّ : أنّ المصلحة قائمة بتلك الحصّة فقط ، فلا إطلاق يقتضي سقوط الأمر عند إتيان الحجّ متسكّعا بلا استطاعة شرعية.
فتلخّص أنّ مقتضى الأصل اللفظي والإطلاق إن كان هو التوصّلية بهذا المعنى ، ومقتضى الأصل العملي لو لم يكن إطلاق هو البراءة ، وعدم وجوب الاختياري بعد الإتيان اضطرارا ، فإنّ المقدار المعلوم تعلّق الغرض بالجامع ، وأمّا تعلّقه بخصوصية الاختياريّة فغير معلوم يرفع بأدلّة البراءة.
الجهة الثالثة : أنّ الأمر هل يسقط بفعل الغير ، أو يشترط في سقوطه أن يصدر عن المأمور بالمباشرة؟ الحقّ هو التفصيل.
وتوضيحه : أنّ فعل الغير على قسمين :
__________________
(١) آل عمران : ٩٧.