مقام البيان : أن يكون تعيينيّا أيضا لكن بمقدّمات الحكمة.
ومنه يظهر حكم الشكّ في كون الوجوب عينيّا أو كفائيّا بعين هذا البيان.
فاتّضح أنّ مقتضى إطلاق الصيغة كون الوجوب نفسيّا لا غيريّا ، تعيينيّا لا تخييريّا ، عينيّا لا كفائيّا على كلا المسلكين في الأخير.
المبحث الخامس : أنّ صيغة الأمر ـ سواء قلنا بأنّها دالّة على الوجوب وضعا أو إطلاقا ، أو قلنا : إنّها دالّة على معنى ملازم للوجوب وهو إبراز الشوق ـ إذا وقعت عقيب الحظر أو توهّمه هل تبقى هذه الدلالة أو لا؟
فنقول : إنّ هذه الدلالة ـ أيّة ما كانت ـ حيث إنّها بمقتضى ظهور اللفظ وبقاء هذا الظهور ـ فإنّ المتأخّرين رفضوا قول السيّد المرتضى ومن تبعه من حجّية أصالة الحقيقة ـ فإذا كان في الكلام ما يصلح للقرينيّة على خلاف ما وضع له بحيث يصحّ اتّكال المتكلّم عليه ، فلا يبقى للكلام ظهور ، بل يصير مجملا ما لم تكن قرينة خاصّة أو عامّة على المراد.
ففيما إذا وقعت الصيغة عقيب الحظر ـ كما في قوله تعالى : (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا)(١) حيث أمر تعالى بالاصطياد حال الإحلال بعد أن نهى عنه حال الإحرام ـ لو قامت قرينة خاصّة أو
__________________
(١) المائدة : ٢.