إنّ البحث في مسألة المرّة والتكرار ـ كما عرفت ـ عن أنّ المأمور به هل هو الوجود الأوّل أو الوجودات المتعدّدة واحدا بعد واحد؟ وهنا عن أنّ الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري أو الظاهري هل يسقط الأمر الواقعي ويجزئ عن المأمور به بأمره أم لا.
وبعبارة واضحة : هناك يبحث عن أنّ الأمر ـ واقعيّا كان أو ظاهريّا ـ هل يقتضي الإتيان بالمأمور به مرّة أو يجب التكرار؟ وهنا يبحث عن أنّه إذا قام أمارة على وجوب الظهر يوم الجمعة مثلا فصلّينا الظهر ثمّ علمنا بوجوب الجمعة ، فهل إتيان الظهر يجزئ عن إتيان الجمعة ويسقط أمرها أم لا؟ فأيّ ربط بينهما؟
وأمّا الفرق بين هذه المسألة ومسألة تبعيّة القضاء للأداء بالنسبة إلى المقام الأوّل فليس بمجرّد كون البحث هنا عقليّا وهناك لفظيّا ، كما أفاده صاحب الكفاية (١) ـ قدسسره ـ حيث إنّ تعدّد الدليل ـ بأن يكون دليل وجوب الإتيان ثانيا خارج الوقت تارة لفظيّا وأخرى عقليّا ـ لا يجعل المسألة مسألتين والبحث بحثين مع كون جهة البحث واحدة ، بل الفرق واضح لا يحتاج إلى البيان ، وهو أنّ في مسألة تبعية القضاء للأداء يبحث عن أنّ الأمر هل يدلّ على أنّ العبد لو لم يأت بالمأمور به في وقته عصيانا أو نسيانا أو لغير ذلك هل يجب الإتيان خارج الوقت أم لا؟ وهنا بعد الفراغ عن أنّ عدم الإتيان موجب لثبوت القضاء يبحث عن أنّ الإتيان بالمأمور به هل
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٠٦.