وذلك لما عرفت من أنّ «هذا» بمنزلة اليد بعينها ، فهو طريق إلى ما هو المبتدأ كاليد.
الأمر الرابع : لا شبهة في احتياج الاستعمال المجازيّ إلى وضع اللفظ لمعنى يصحّ أن يجعل المعنى المجازي فردا له ادّعاء ، لشدّة المناسبة والارتباط بينهما ، ولذا لو كان لفظ «الأسد» موضوعا للبحر لم يكن استعماله في الرّجل الشجاع صحيحا.
وأمّا احتياجه إلى الوضع المستقلّ فغير واضح بل واضح العدم ، ضرورة عدم احتياج استعمال لفظ «الحاتم» أو «فرعون» أو «أفلاطون» مثلا مجازا في غير ما وضعت له ـ بأن تقول : «هذا الشخص حاتم عصره» أو «فلان فرعون زمانه» أو «فلان أفلاطون وقته» ـ إلى ترخيص واضع لفظ «الحاتم» أو «أفلاطون» أو «فرعون».
وممّا يشهد لذلك وجود هذه المعاني المجازيّة في غير اللغة العربيّة ، فنرى صحّة استعمال مرادف لفظ «الأسد» في لغة أخرى ، في الرّجل الشجاع ، ومن البعيد جدّاً توافق جميع اللغات في ذلك ، وهذه أمارة عدم الوضع للمعاني المجازيّة مستقلّا ، وأنّ صحّة الاستعمال لأجل حسنه الطبعي المسبّب عن شدّة الارتباط والمناسبة بين المعنى الحقيقي والمجازي.
الأمر الخامس : قد ذكروا أنّ استعمال اللفظ وإرادة نوعه أو صنفه أو مثله من قبيل استعمال اللفظ فيما يناسب الموضوع له ،