بلا ضرورة (١) ، فإنّ فائدة الوضع هو تفهيم ما لا يمكن تفهيمه إلّا باللفظ ، كالقضايا المعقولة والأمور المحسوسة البعيدة التي لا يمكن إحضارها بأنفسها بلا لفظ في ذهن المخاطب ، أمّا إذا أمكن إحضار المعنى في ذهن المخاطب من دون دالّ كما إذا كان المعنى بمرأى من المخاطب ، فلا يحتاج إلى استعمال اللفظ أصلا ، بل يقول : «ملكي» مشيرا إلى كتاب حاضر عنده مثلا.
ففي المقام إذا قال : «زيد اسم» أو «الماء كلمة عربيّة» ينتقل المخاطب بمجرّد سماع لفظ «زيد» أو «الماء» إلى طبيعيّ هذا اللفظ ويحضر في ذهنه ، ويفهم أنّ هذا الحكم لطبيعي هذا اللفظ ، فقد أحضر المعنى بنفسه في ذهن المخاطب ، فأيّة حاجة مع ذلك إلى استعمال اللفظ في طبيعيّة؟ وإذا قال : «زيد اسم» ونصب قرينة على إرادته شخص هذا اللفظ ، فقد أحضر أيضا نفس المعنى في ذهن المخاطب بلا احتياج إلى استعمال اللفظ في شخصه.
وإذا أراد المتكلّم الحكم على حصّة خاصّة من طبيعيّ لفظ «زيد» فيمكنه أن يحضر الطبيعي بنفسه ، ويقيّده بدالّ لفظي من الحرف أو غيره ، كأن يقول : «زيد» في «ضرب زيد» فاعل ،
__________________
(١) والحقّ هو القول بصحّة الاستعمال بلا لزوم اللغوية في الصور الأربع كلّها ، نعم إطلاق اللفظ وإرادة مثله وإن يمكن أن يكون من قبيل الاستعمال المجازي أو إحضار نفس المعنى ، لكنّ الحقّ هو الاستعمال دون إحضار الموضوع له. وصرف عدم الاحتياج لا يوجب اللغوية ، وإلّا يلزم اللغوية من الذّكر فيما يعلم مع أنّ «حذف ما يعلم جائز» لا واجب.