نفسه ، سواء قلنا : إنّ الاستعمال إيجاد المعنى باللفظ وجعل اللفظ وجودا تنزيليّا للمعنى ، أو قلنا : إنّه عبارة عن جعل اللفظ علامة للمعنى ، فإنّ الشيء لا يمكن أن يكون وجودا تنزيليّا أو علامة لنفسه مع أنّه موجود بوجود تحقيقي ، إذ من الواضح لزوم الاثنينيّة الحقيقيّة بين الوجود الحقيقي والتنزيلي ، وهكذا بين العلامة وذو العلامة.
الأمر السادس : هل الدلالة الوضعيّة ـ أي المعلولة للوضع ـ تابعة للإرادة أم لا؟ قد ظهر ممّا اخترناه في حقيقة الوضع أنّها تابعة للإرادة.
توضيحه : أنّ للّفظ دلالات ثلاثا :
الأولى : الدلالة التصوّرية ، وهي الموجبة لخطور المعنى في الذهن بمجرّد سماع اللفظ ولو من لافظ بلا شعور واختيار ، أو من اصطكاك حجر بحجر آخر.
الثانية : الدلالة التصديقيّة ، وهي دلالته على أنّ المتكلّم بمثل «زيد قائم» مثلا في مقام تفهيم ثبوت القيام ل «زيد» في الخارج في مقابل أن يكون في مقام السخريّة والاستهزاء.
الثالثة : دلالته على أنّ معناه مراد جدّي للمتكلّم في مقابل كونه مرادا استعماليّا ، إمّا ضربا للقاعدة بأن أتى بلفظ عامّ تأسيسا لقانون كلّي مع أنّه لا يريد العموم جدّاً ، أو كناية عن لوازم المعنى ، كما في جميع الاستعمالات الكنائيّة ، فإنّها لم تتعلّق