التفهيم ـ لغو محض ، لعدم ترتّب فائدة التفهيم على هذا الوضع بإطلاقه حتّى فيما لم يرد اللافظ تفهيم المعنى ، أو كان اللافظ بلا شعور ، فلا مناص عن كون الدلالة الوضعيّة تابعة للإرادة ، كما أفاده العلمان ، وكلامهما في بحث الدلالات صريح في ذلك غير قابل للتأويل.
وليعلم أنّ الغرض من كون الدلالة الوضعيّة تابعة للإرادة أنّ الموضوع له للّفظ هي تلك الحصّة من المعنى التي تعلّق بها واقع الإرادة ، فلا يحتاج إلى التجريد في مثل قولنا : «زيد قائم» ، كما تخيّل صاحب الكفاية (١) ـ قدسسره ـ ، فإنّ الموضوع ذات المعنى والمحمول أيضا كذلك ، لا المعنى المقيّد بكونه مرادا للمتكلّم حتّى يحتاج إلى التجريد في مقام الحمل وإن كان يفهم من الكلام بحسب الوضع أنّ ذات المعنى في الموضوع والمحمول مراد للمتكلّم ، إلّا أنّ هذه الإرادة ليس جزءا للموضوع أو المحمول ، بل هي طريق إلى ما هو الموضوع والمحمول.
الأمر السابع : لا إشكال في أنّ المركّب بما هو مركّب ليس له وضع مستقلّ ، إذ المركّبات غير متناهية ، مضافا إلى أنّ وضع المفردات مغن عن الوضع للمركّب ، مع أنّا نخترع من عند أنفسنا تراكيب لا سابقة لها حتّى يوضع لها ، فالقول بأنّ المركّب بما هو مركّب ، له وضع ممّا لا يتفوّه به ذو مسكة.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٣١.