الجهة الثانية : في الفرق بين العرض الذاتي والغريب.
قد قسّموا ما يحمل على الشيء إلى ذاتي وغيره في بابين : باب الكلّيات الخمس وباب البرهان.
والمراد بذاتيّ باب إيساغوجي (الكلّيات الخمس) ما يقابل العرض العامّ والخاصّ ، وهو ما به قوام الشيء وحقيقة ذاته ، كحيوانية الإنسان وناطقيته وإنسانيته ، وبالجملة الجنس والنوع والفصل.
والمراد بذاتيّ باب البرهان ما يكون بيّن الثبوت للشيء بحيث يكفي وضع الذات في ثبوته له ، كزوجية الأربعة وإمكان الإنسان ، ويقابله العرضي بمعنى ما لا يكون بيّن الثبوت له ، كعلم الإنسان وسخاوته وأمثالهما.
والمراد بالذاتي الّذي ذكروه عند قولهم في مقام تعريف موضوع العلم : «موضوع العلم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة» لا هذا ولا ذاك ، ضرورة أنّ محمولات المسائل ليست من قبيل الجنس والفصل لموضوع العلم وما به قوامه وحقيقة ذاته ، ولا بيّنة الثبوت لموضوع العلم ، فإنّها نظريّة ، وإلّا لا تقع موردا للبحث ، بل المراد منه معنى آخر اصطلحوا عليه ، وهو ما يعرض للشيء أوّلا وبالذات بلا واسطة في العروض ، سواء كان له واسطة في الثبوت ـ والمراد بالواسطة في الثبوت ما يكون علّة للعروض ،