الإشكالات بأسرها.
بقي الكلام فيما استدلّ به صاحب الفصول (١) على اختصاص الموصلة من المقدّمات بالوقوع على صفة الوجوب ، وعمدتها (٢) وجهان (١) :
الأوّل : شهادة الوجدان بأنّ من يريد شيئا لأجل حصول شيء آخر لا يكون ذاته مطلوبا له مطلقا ولو لم يحصل مطلوبه النفسيّ.
الثاني : أنّه يصحّ نهي المولى عن المقدّمة غير الموصلة بأن يقول : «لا تخرج إلى السوق لغير اشتراء اللحم واخرج له» وذلك آية عدم اتّصاف غير الموصلة منها بالوجوب.
وأجاب في الكفاية (٣) عن الأوّل : بأنّه ـ بعد تسليم كون الغرض من الإيجاب الغيري هو حصول المطلوب النفسيّ ـ الوجدان يقضي بخلافه ، وأنّ ما أريد لأجل غاية وتجرّد عن الغاية يقع على صفة المطلوبيّة الغيريّة ، كما إذا ترتّب الغاية ، إلى آخره.
وأجاب عن الثاني بجوابين :
الأوّل : أنّه لو سلّم صحّة النهي عن غير الموصلة منها لا نسلّم كون ذلك آية عدم اتّصاف غير الموصلة منها بالوجوب ، ضرورة أنّ عدم الاتّصاف فيه ليس إلّا لأجل المنع من غير الموصلة ، وأمّا إذا لم يكن منع في البين ، فلا مانع
__________________
(١) الفصول : ٨٤ و ٨٦.
(٢) أي عمدة الأدلّة المرادة من الموصول.
(٣) أقول : كلاهما تمسّك بالوجدان إلّا أنّ الأوّل تمسّك به في مقام الثبوت ، والثاني تمسّك به في مقام الإثبات.
وبعبارة أخرى : أنّ الأوّل بمنزلة المدّعى ، والثاني بمنزلة الدليل ، أي من صحّة النهي في مقام الإثبات يستكشف أنّ الأمر كذلك في الثبوت أيضا. (م).
(٤) كفاية الأصول : ١٤٩ و ١٥٠.