لا يتوقّف على الإيصال ، بل الإيصال قيد لمتعلّق الجواز بمعنى أنّ جواز المقدّمة وإن كان مطلقا غير مشروط بشيء إلّا أنّه يتعلّق بالمقدّمة الموصلة ، وهي تقع على صفة الوجوب دون غيرها.
ومن ذلك يظهر الجواب عن إشكال طلب الحاصل ، فإنّ الإيجاب موجود قبل الإتيان ، وإنّما الّذي يوجد ويتحقّق بعد الإتيان هو متعلّق الإيجاب والواجب.
فانقدح أنّ كلام صاحب الفصول متين جدّاً ، ولا بدّ من الالتزام بتعلّق الوجوب بالمقدّمة الموصلة دون غيرها ، وظهر أنّ ما أفاده في الكفاية في ردّ صاحب الفصول ـ قدسسره ـ غير تامّ.
الكلام في ثمرة البحث ، وأحسن ثمرة تكون في بحث مقدّمة الواجب هي ما أشرنا إليه سابقا من أنّه إذا توقّف واجب فعليّ نفسيّ على فعل حرام وكان الواجب أهمّ ، كما إذا توقّف إنقاذ غريق على الدخول في أرض الغير ، فعلى
__________________
ووجهه : أنّ الإيصال إلى ذي المقدّمة هو الغرض من إيجاب المقدّمة ولا فرق في ذلك بين المقدّمة الأولى والمتوسّطة والأخيرة ، لأنّ الغرض في جميعها هو الوصول إلى الواجب النفسيّ لا أن يكون لكلّ مقدّمة غرض آخر غير الوصول إلى الواجب النفسيّ.
مثلا : إذا أمر المولى بالوضوء وأمر بتحصيل الماء فكما أنّ الغرض من التوضّؤ هو إتيان الصلاة كذلك يكون الغرض من تحصيل الماء هو الصلاة وإن كان الوضوء غرضا أدنى لتحصيل الماء ، فالغرض من جميع المقدّمات هو الواجب النفسيّ ، فالمطلوب من المقدّمات هو ما يترتّب عليه الواجب النفسيّ.
وبعبارة أخرى : إنّ المطلوب من المقدّمات هو ما يلزم من وجوده وجود ذي المقدّمة لا غير.
وبعبارة ثالثة : الواجب الغيريّ هو الحصّة التوأمة مع ذي المقدّمة لا المتقيّد بذي المقدّمة ، فالوجدان وإن كان حاكما بأنّ غير الموصلة ليس مطلوبا ولكنّه ليس معناه أنّ الموصلة بما هي موصلة مطلوبة بل واقع الموصلة مطلوب ، ومطلوبيّة واقع الموصلة لا تستلزم تقيّد المطلوب بالإيصال. (م).