وإن قلنا بوجوب المقدّمة مطلقا ، فلا إشكال في جواز الدخول مطلقا سواء كان للإيصال أو لم يكن ، بل كان لمجرّد التفريح والتفرّج.
وهذه مسألة فرعيّة عمليّة يجب أن يجيب عنها الفقيه إذا سئل ، ولا تعلم إلّا بالبحث عن وجوب المقدّمة ، فأيّ ثمرة أحسن منها؟
وقد ذكرت ثمرات أخر لهذا البحث لا محصّل لشيء منها.
منها : ما أفاده في الكفاية (١) من استنتاج حكم كلّيّ فرعيّ ، وهو وجوب ما يتوقّف عليه الواجب شرعا بتشكيل قياس استثنائي بأن يقال : لو كانت الصلاة واجبة لكانت مقدّماتها واجبة ، للملازمة العقليّة بين الوجوبين ، لكن الصلاة واجبة ، فالمقدّمات أيضا واجبة ، أو بترتيب قياس اقتراني كبراه ما ثبت في هذا المبحث بأن يقال : الوضوء مقدّمة للصلاة الواجبة ، وكلّ مقدّمة الواجب واجب ، للملازمة بين الوجوبين عقلا ، فالوضوء واجب.
وفيه : أنّ وجوب المقدّمة حيث لا يكون مناطا لاستحقاق تاركها العقاب وفاعلها الأمن من العذاب ولا يكون فيه باعثية ومحرّكيّة غير ما يكون في ذيها ، لا يمكن أن يكون ثمرة لهذا البحث ، إذ لا يترتّب عليه أثر عمليّ ، فأيّ فائدة في العلم (١) بهذا الوجوب الّذي ليس له أثر عمليّ ، ولا يكون إثباته إثبات حكم كلّيّ
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٥٣.
(٢) هذا الإشكال يفيد في إنكار الملازمة ، وكلامنا في ثمرات القولين في الملازمة وعدمها ، وبعد قبول الملازمة أو فرضها لا مجال لهذا الإشكال ، فإنّ هذا نظير إنكار الحكم بإنكار الموضوع بعد قبوله.
وبعبارة أخرى : إنّ اللغوية المذكورة تستلزم عدم وجود الملازمة وعدم كشف وجوب المقدّمة ، الشرعي عقلا ، لا عدم ترتّب الثمرة على وجود الملازمة ، فإنّ كشف الوجوب الشرعي الكلّي ثمرة ، نعم لا ثمرة للمكشوف ، وعدم الثمرة للمكشوف أمر وعدمها للكاشف أمر آخر ، وكلامنا في الثاني دون الأوّل. (م).