حيث إنّه يكون هو الترك وترك الشيء يتحقّق إمّا بترك إحدى مقدّماته أو خصوص المقدّمة الأخيرة ، فيترشّح طلب الترك من ذي المقدّمة على إحدى المقدّمات على نحو التخيير ، أو يترشّح على خصوص الجزء الأخير ، بخلاف مقدّمة الواجب ، فإنّ تحقّق الشيء إنّما يتوقّف على تحقق جميع مقدّماته ، فلذا يترشّح الوجوب على الجميع. وهذا هو السرّ في الفرق بين مقدّمات الواجب ومقدّمات الحرام.
هذا ، ولكنّ الحقّ أنّ النواهي إنّما تنبعث عن المبغوضيّة في الفعل والمفسدة فيه ، وأمّا الترك فليس فيه مصلحة حتى يترشّح الطلب عليه.
وبالجملة لا تكون النواهي مركّبة من أمرين : مطلوبية الترك ، ومبغوضية الفعل ، كما أنّ الواجب ليس فيه جهة مطلوبية الفعل ومبغوضية الترك ، بل الأوّل متمحّض في المبغوضية في الفعل ، والثاني متمحّض في المحبوبية في الفعل ، فلا معنى ولا مجال للقول بأنّ طلب الترك يترشّح من ذي المقدّمة على المقدّمة. وذلك واضح.
نعم ، مقدّمة الحرام تنقسم إلى قسمين :
الأوّل : ما يكون المكلّف معه مسلوب الاختيار في ارتكاب الحرام.
والثاني : ما لا يكون كذلك ، بل يكون المكلّف بعد تحقّقها مختارا في الفعل والترك.
والقسم الأوّل أيضا يكون على قسمين :
الأوّل : ما لا يتخلّل بين فعل المقدّمة وذي المقدّمة زمان.
والثاني : ما يتخلّل الزمان بينه وبين الفعل ولكنّ المكلّف يكون في ذلك الزمان مسلوب الاختيار.