ـ لفرض أنّهما ضدّان ـ لا يجتمعان ، ومن الواضح أنّ عدم المانع يكون من المقدّمات ، فيكون ترك أحد الضدّين مقدّمة لوجود الضدّ الآخر ، ويترشّح الوجوب من ذي المقدّمة ـ وهو الإزالة مثلا ـ على المقدّمة ـ وهو ترك الصلاة ـ بمقتضى وجوب المقدّمة ، فإذا كان ترك الصلاة واجبا ومأمورا به فيكون فعلها حراما ومنهيّا عنه ، وهو المطلوب.
أقول : قد تقدّم أنّ المقدّمة ليست بواجبة بالوجوب المولويّ الشرعيّ ، وإنّما تكون واجبة بالوجوب العقليّ وباللابدّيّة العقليّة ، فعلى تقدير ثبوت المانعيّة لأحد الضدّين عن الآخر أيضا لا يتمّ هذا برهانا لذلك.
وقد قيل لإنكار المانعيّة ومقدّمية عدم أحد الضدّين للآخر وجوه :
منها : ما أفاده شيخنا الأستاذ (١) ، وهو يتّضح في ضمن مقدّمتين :
الأولى : أنّ أجزاء العلّة وإن كانت لجميعها دخل في ترتّب المعلول إلّا أنّ كيفيّة الدخل مختلفة ومراتبه متفاوتة.
بيان ذلك : أنّ المقتضي ما يترشّح المعلول منه ، والشرط ما له دخل في فعليّة تأثير المقتضي ، والمانع ما يزاحم المقتضي في تأثيره ، والمانعية إنّما تتحقّق بعد تحقّق المقتضي وجميع الشرائط حتى يستند عدم المعلول إليه ، فمرتبته متأخّرة عن الشرط والمقتضي ، وعدم المعلول إنّما يستند إلى [عدم] الشرط بعد وجود المقتضي ، فمرتبته متأخّرة عن مرتبة المقتضي.
مثلا : إذا لم تكن النار موجودة ، لا يستند عدم الاحتراق إلى رطوبة الخشب أو عدم المحاذاة ، بل إلى عدم النار ، وإذا كانت النار في الشرق والخشب في الغرب ، لا يستند عدم الاحتراق إلى رطوبة الخشب ، بل يستند
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٥٥.