فالقول باستغناء البقاء عن المؤثّر فيها بديهيّ البطلان ، وهل يعقل بقاء الحركة بمجرّد إرادة حدوثها والقدرة على حدوثها؟ وهل يصدر القول به من ذي مسكة؟
هذا تمام الكلام في المقام الأوّل ، أمّا المقام الثاني ـ وهو : أنّ الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضدّه العامّ بمعنى الترك أم لا؟ فقال بعض بعدم الاقتضاء مطلقا ، وآخر به بنحو العينيّة ، وثالث بالتضمّن ، ورابع بالالتزام باللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ ، وخامس به بالمعنى الأعمّ.
والحقّ : هو الأوّل وعدم الاقتضاء بوجه من الوجوه.
بيان ذلك : أنّ الأمر والنهي ليس معناهما ما هو المشهور من أنّ الأمر هو طلب الفعل ، والنهي طلب الترك ، بل معناهما هو البعث نحو الفعل والزجر عنه اللذان هما ناشئان من الشوق والحبّ النفسانيّ ، والبغض والكراهة النفسانيّ ، وبالبعث والزجر يتحقّق مصداق الطلب ، كما مرّ غير مرّة ، ولا معنى للنزاع في أنّ الأمر بمعنى طلب الفعل هل يقتضي النهي عن الترك بمعنى طلب ترك تركه أم لا؟ حيث ليس ترك ترك الفعل إلّا نفس الفعل وعبارة أخرى عنه ، فمرجعه إلى أنّ الأمر بالشيء هل يقتضي الأمر بالشيء أم لا؟ وثبوت الشيء لنفسه ضروريّ لا يحتاج إلى البحث عنه ، وحيث إنّ الشوق والكراهة والحبّ والبغض صفتان متضادّتان ، فلا يمكن القول بالعينيّة ولا الاقتضاء بنحو التضمّن ، إذ الأمر هو بعث نحو الفعل الّذي له مصلحة ناشئة عن الشوق ، والنهي هو زجر عمّا فيه مفسدة ناشئة عن الكراهة المضادّة مع الشوق ، ولا يعقل العينيّة بين المتضادّين ولا جزئيّة أحدهما للآخر.