نعم ، يمكن أن يدّعي مدّع أنّ الشوق إلى شيء مستلزم للكراهة عن (١) عدمه والحبّ للفعل ملازم مع البغض عن (٢) ترك هذا الفعل ، كما ادّعى شيخنا الأستاذ (٣).
لكنّ الّذي يقتضيه النّظر الدّقيق : أنّه ليس كذلك ، لأنّا نجد من أنفسنا في أوامرنا العرفيّة أنّه ليس هناك إلّا بعث واحد أو زجر واحد ، ولا يكون هناك حكمان مولويّان أحدهما : البعث نحو الفعل ، والآخر : الزجر عن الترك بحيث لو خالف العبد ولم يأت بما امر به فقد خالف حكمين وعصى عصيانين ، فالملازمة وإن كانت ممكنة لكنّ الوجدان يحكم بخلافه ، فلا يقتضي الأمر بالشيء النهي عن ضدّه العامّ بوجه من الوجوه.
نعم ، يمكن أن يكون مراد القائل بالاقتضاء بنحو العينيّة أنّ البعث إلى فعل ربما يعبّر بالأمر به ، كما يقال : «تجب الصلاة على المستحاضة» أو «آتوا الصلاة» وربما يعبّر بالنهي عن تركه ، كما ورد «إنّها ـ أي المستحاضة ـ لا تدع الصلاة بحال» (٤) فالأمر بالشيء عين النهي عن ضدّه وعبارة أخرى عنه بهذا المعنى من العينيّة ، كما يمكن أن يكون مراد القائل بالاقتضاء بالالتزام أنّ الأمر بالشيء يقتضي ويستلزم المنع بمعنى عدم الترخيص في الترك ، إذ الترخيص المولويّ مضادّ للوجوب ، فلا يمكن اجتماعهما في موضوع واحد ، وعلى هذا فلا إشكال فيه.
ثمّ إنّه ذكروا لهذا البحث ثمرة ، وهو فساد الضدّ إن كان عبادة وقلنا
__________________
(١ و ٢) كذا.
(٣) أجود التقريرات ١ : ٢٥٢.
(٤) الكافي ٣ : ٩٩ ـ ٤ ، التهذيب ١ : ١٧٣ ـ ١٧٤ ـ ٤٩٦ ، الوسائل ٢ : ٣٧٣ ، الباب ١ من أبواب الاستحاضة ، الحديث ٥.