وأجاب صاحب الكفاية (١) وغيره بأنّ عدم الأمر بها لا يوجب فسادها ، لأنّها باقية على ملاكها ومصلحتها بحيث لو تمكّن العبد من إتيان كلا الواجبين لأمر بها ، فهي على حالها ، ولا تنقلب بالمزاحمة عن المحبوبيّة الأوّلية ، ولا تصير مبغوضة له ، فيصحّ التقرّب بها بداعي المحبوبيّة ، بل الإتيان بهذا الداعي أولى في حصول القرب من الإتيان بداعي الأمر.
ثمّ إنّه قد تصدّى جماعة ، منهم شيخنا الأستاذ (٢) ـ قدّس أسرارهم ـ لإثبات الأمر بالضدّ وتصحيحه بنحو الترتّب على العصيان ، ونحن نتكلّم في جهات ثلاث :
الأولى : أنّه هل على القول بالاقتضاء تبطل العبادة المنهيّ عنها بمقتضى الأمر بضدّها أو لا؟
والحقّ هو الثاني ، لما تقدّم من مقدّمة قدّمناها في بحث مقدّمة الواجب من أنّ الأمر والنهي الغيريّين لا يوجبان مصلحة ومفسدة في المتعلّق وليس النهي الغيريّ (١) كالنهي المتعلّق بصوم العيدين بحيث تكون مفسدة في متعلّقه
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٦٦.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٢٨٥ وما بعدها.
(٣) هذا بإطلاقه غير صحيح ، لأنّه يمكن صيرورة متعلّق النهي الغيري ذا مفسدة ومبغوضا لأجل الأمر بالأهمّ ، كما إذا نهى عبده عن تعظيم الداني لأجل تعظيم العالي فيما إذا كان تعظيم الداني هتكا للعالي ، فإنّ النهي غيري ومع ذلك فيه مبغوضية ولو بالعرض ، وهكذا في ناحية الأمر الغيري ، كما إذا توقّفت حياته على عملية جراحية ، فإنّ هذه العمليّة في نفسها مبغوضة ذاتية ولكن لأجل الأمر الأهمّ ـ وهو بقاء الحياة ـ تصير ذات مصلحة عرضا ، هذا أوّلا.
وثانيا : أنّ النهي ـ ولو كان غيريّا ـ يكشف عن منع الشارع عن التطبيق ، فلو فرض وجود الملاك في الفرد المزاحم ، لا يحكم العقل بالتخيير بينه وبين سائر الأفراد مع وجود ـ