فصل :
إذا نسخ الوجوب ، هل يدلّ دليل (١) الناسخ أو المنسوخ على بقاء الجواز أم لا؟
ولا بدّ من التكلّم في مقامين :
الأوّل : فيما يدلّ عليه الدليل الاجتهاديّ.
الثاني : فيما يقتضيه الأصل العملي.
أمّا الأوّل : فتارة نتكلّم في الدليل (٢) المنسوخ ، وأخرى في الدليل (٣) الناسخ.
أمّا الدليل الناسخ : فلا يدلّ على أحد الأحكام الأربعة مطلقا ، لأنّه لا يتضمّن أزيد من رفع الوجوب ، وهذا الرفع ملازم مع أحد الأحكام الأربعة ، واللازم الأعمّ لا يثبت ملزومه الأخصّ ، فعدم الوجوب ورفعه لا يثبت الإباحة ولا الكراهة ولا الاستحباب.
وأمّا دليل المنسوخ : فلأنّه كان دالّا على ثبوت الوجوب بنحو الإطلاق ، والمفروض أنّه قد نسخ.
وما ربما يقال من أنّ القدر المتيقّن من دليل الناسخ هو رفع الإلزام ، فيبقى الجواز على حاله ، وبعبارة أخرى : الوجوب كان مركّبا من جنس ، وهو الجواز ، وفصل ، وهو المنع من الترك ، ورفع الفصل فيبقى الجنس متفصّلا بأحد الفصول المناسبة له ، مدفوع بأنّ هذا إنّما يتعقّل في الموجودات
__________________
(١ ـ ٣) كذا.