ولا فصل ، لضعف الأوّل وقوّة الثاني.
ثمّ سلّمنا جميع ذلك ، لكن لا مجال لبقاء الجواز المطلق ، بل الباقي الجنس القريب ، وهو الرجحان في الفعل الّذي هو في طول الوجوب ، ولا يستحيل وجود فصول طوليّة ، لأنّ النموّ فصل للشجر في طول الحيوان. نعم ، الفصول العرضيّة لا يمكن وجودها في شيء واحد.
فتحقّق من جميع ذلك أنّه لا معنى لبقاء الجواز ، ولا يدلّ عليه دليل المنسوخ ولا دليل الناسخ.
وأمّا المقام الثاني : فلا مجال للاستصحاب في المقام ، لأنّه يكون من قبيل استصحاب القسم الثالث من الكلّيّ ، وهو ما إذا شككنا في وجود فرد آخر بعد زوال الفرد المتيقّن ، وقد تقرّر في مقرّه أنّ الاستصحاب لا يجري في مثل ذلك.
وأفاد صاحب الكفاية ـ قدسسره ـ في المقام أنّه من قبيل القسم الثاني من الاستصحاب الكلّيّ ، نظير البياض الشديد والضعيف ، بدعوى أنّ الوجوب والاستحباب مرتبتان من المحبوبيّة مختلفتان في الشدّة والضعف ، كما في البياض الشديد والضعيف.
وأجاب عنه بأنّه وإن كان كذلك إلّا أنّ العرف لا يرى بينهما إلّا التضادّ والتباين(١).
ولكن لا يخفى أنّ ما أفاده أيضا غير تامّ ، فإنّ الوجوب والاستحباب ليسا من قبيل البياض الشديد والضعيف ، بل هما أمران اعتباريّان متضادّان عقلا وعرفا.
* * *
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٧٣.