فصل :
في أنّ الأمر بالأمر بالشيء هل هو أمر به أم لا؟
الاحتمالات بحسب مقام الثبوت ثلاثة حيث إنّ المطلوب بقوله : «قل لفلان : افعل كذا» إمّا نفس هذا القول والأمر على نحو الموضوعيّة بحيث يحصل الامتثال بمجرّد أمر المأمور الأوّل المأمور الثاني ، ولا يجب على المأمور الثاني إتيان هذا الفعل المأمور به ، سواء أمر المأمور الأوّل به ، أو لم يأمر ، بل علم المأمور الثاني من طريق آخر ، أو يكون على نحو الطريقيّة الصرفة بحيث لا يحسب الامتثال على المأمور الأوّل إلّا من باب تبليغ الحكم إلى المأمور الثاني ، فلو علم (١) بالتكليف من طريق آخر لا يجب على المأمور الأوّل أمره به ، لحصول الغرض ، وهو وصول التكليف إلى من كلّف به ، ويجب على المأمور الثاني إيجاد الفعل سواء علم ذلك من ناحية أمر المأمور الأوّل أو من طريق آخر. أو يكون وسطا بينهما بحيث يكون المطلوب ذاك الفعل لكن لا على وجه الإطلاق ، بل بشرط أن يكون واصلا إليه من هذا الطريق الخاصّ ، فيجب على المأمور الأوّل الامتثال وإن علم بذلك الثاني ، ولا يجب على الثاني إيجاد الفعل إلّا بعد أن يأمر الأوّل بذلك.
هذا كلّه بحسب مقام الثبوت ، ولكن ليس لنا طريق لإثبات أحدها بحسب الوضع اللغويّ ، فعلى هذا يجب على المأمور الأوّل الأمر ، سواء علم المأمور الثاني به أو لا ، لاحتمال كون المطلوب على نحو الموضوعيّة ، ويجري
__________________
(١) أي : علم المأمور الثاني.